رأيي في دور النشر عموما
من خلال متابعة ما يمر به الكاتب، وبعد بضعة تجارب، والكثير من التفكير.. وجدت أن الأمر يحتاج وقفة، لأن ما يقال ليس بالضرورة صحيح، فدور النشر مظلومة في بعض الجوانب ولكنها مقصرة في جوانب أخرى، ولابد أن نقدم الأمر بحياد.
هناك دور نشر وجدتها تخصص نصف مساحة العرض في معرض القاهرة للكتاب من أجل أحد الكتاب . وهناك سلوك مشابه من دور نشر أخرى، في التسويق والإهتمام بمجموعة كتّاب على حساب البقية.
ولكن هذا ليس بالأمر الجلل، ما المانع في أن تهتم دور النشر بكاتب دون آخر، أليس من حقها تشجيع ودعم الكتاب المميزين؟
وجود بعض الكتاب الذين يخطؤون وينزعجون من هذه السفاسف لا يعني أن جميع دور النشر العربية هكذا.
حيث نجد كتّابا يحترمون حق دار النشر في الإهتمام بكاتب دور غيره، ويدفعون مستحقاتهم دون نقاش، وكذلك يمتثلون لكل الطلبات الصحيحة والمنطقية التي تفرضها دور النشر، كإحضار الأسرة والأصدقاء لمعرض الكتاب من أجل شراء نسخ من عمله، أو مشاركة كل إصدارات الدار على حساباتهم الشخصية. وهذا دليل على أنه إن كانت هناك دور نشر نهجها تدليل مجموعة كتاب دون غيرهم، فهناك دور نشر أخرى بل الكثير من دور النشر العادلة في تعاملها مع الكاتب.
ولكن بعيدا عن هذا الكلام لدي أمور أهم وأكثر جدية للحديث عنها
مشكلة الجودة والتكاليف وما وراء التكاليف:
أي كاتب في بداياته يحاول النشر دون تحمل نفقاته، ولكن الواقع يفرض نفسه، فإن لم تستطع الوصول لدار نشر كبيرة، ستجد نفسك مجبرا على تحمل كل النفقات، ولا يوجد شيء إسمه مشاركة تكاليف. لأن دار النشر تفرض عليك تكلفة النشر كاملة، ولكنها تخفف عليك حين تقول أن الأمر مناصفة بينكم، كنوع من الدعم النفسي. الذي يدل على طيبة دور النشر وحرصها على مشاعر الكاتب.
فكيف يقول المغرضون بعد هذا أن دور النشر لا تهتم بالكاتب؟
نعم هناك أعمال لا ترقى للنشر، وتكون ضعيفة ومستواها متدني بكل المقاييس، ولكن ألا ترى في هذا تشجيعا ودعما للمبتدئ، هل تريد من دار النشر كسر خاطر كاتب يشق طريقه حديثا؟
لتعرفوا طيبة القلوب فقط. أيها الكتاب الناكرون للجميل، متحجروا القلوب والمشاعر.
وما المشكلة في عدم تدقيق العمل الأدبي وإبقاء الأخطاء اللغوية، وحتى تصميم غلاف ضعيف للكتاب، أين المشكلة؟
أليس هذا أمرا تشكر عليه دور النشر؟
ألا ترى أنها خطة تسويقية ذكية لجذب الناس للحديث عن كتابك؟
قل لنا أنت أيها الكاتب الفلتة كيف ستسوق لروايتك؟ كيف تتميز بين الكتاب؟
فهمتم الآن ذكاء التسويق وعبقرية التنفيذ؟
الإهتمام:
يقول أحد المغرضين أن من الجوانب المحزنة حين تعاملك دور النشر كشخصية مهمة قبل دفع المال، وبمجرد دفعه يتم تجاهلك تماما، بل وتصبح هذه الدار شديدة الإنشغال بمعرض الكتاب والأحداث الثقافة التي تنزل من السماء، بعد أن تدفع المال، أما قبلها تجدهم يردون عليك بمجرد التفكير في السؤال ربما.
هذا الكلام يدل على أن الكتّاب ماديون بشكل مبالغ فيه، فلا يفكرون إلا في مبلغ متواضع دفعوه لدار النشر، ويريدون استعباد الدار لمجرد دفع هذا المبلغ الذي لا قيمة له.
الكاتب ليس صادقا على الدوام
سأتحدث بجدية هنا، فالكتاب ليسوا ملائكة، والعديد ممن يخرجون لانتقاد دور النشر لا يكون كل كلامهم صحيحا، أو يكون مبالغا فيه.
ما المشكلة إذا أخذت دار النشر مالا من الكاتب ولم تطبع العمل وصارت تتجاهله؟
لا أرى مشكلة في الأمر، هل حدث لأي منا أن والدته أعادت له الأموال التي تحصل عليها يوم العيد؟
الأمر هكذا فأنت أرسلت المال وعليك الإنتظار عشرين سنة أو أربعين حتى يحين دورك في النشر أو لا يحين!.
ما المانع أن تجد دار النشر ترفض عرض كتابك في المعارض لأنك رفضت مشاركة أغلفة باقي الكتاب؟
لماذا هذه الأنانية منك، عليك أن تنشر كل ما تصدره دار النشر.
أنا حقا لا أرى مشكلة وأحمل الكاتب كل المسؤولية هنا.
خلاصة القول
أنا حزين بشدة لكل ما يفعله الكتاب لتشويه دور النشر، وأتمنى من قلبي أن ينضج هؤلاء، وبدل تحذيفهم بالحجارة والإدعاءات الكاذبة، والمبالغات، فلنجلس ونتحدث بشكل متحضر، ونسأل ما المشكلة في أن تطبع دور النشر كتابك دون توزيعه. أو في أن تطبع عشرين نسخة فقط لتعرضها على رفوف معرض الكتاب سنيتن أو تلاثة حتى تتلف وترميها.؟
ما المشكلة ؟؟؟
هل أنت من عظماء الأدب لتسائل دور النشر، أو لتحدد ما عليها فعله ؟
وإن كانت دور النشر مقصرة فهي مقصرة في حق نفسها فقط.. لأنها تسمح لهؤلاء المغرضين باستغلال طيبتها..